منذ اندلاع العدوان الصهيوني في غزّة ردّا على عملية “طوفان الأقصى” التي نفّذتها المقاومة الفلسطينية فجر السابع من أكتوبر 2023، لم يهدأ الشارع التونسي ولو ساعة واحدة. هنا في شارع الحبيب بورقيبة، قلب العاصمة النّابض، مازال الآلاف من التونسيّين.ـات يتظاهرون يوميا تنديدا بآلة القتل الصهيونية ودعما للمقاومة. حتّى الأطفال، هبّوا نصرة للمقاومة حاملين المشعل مبشّرين بعدم انطفاء الشّعلة أبدا.
رايات حمراء تتوسّطها نجمة وهلال، وأخرى خضراءُ حمراءُ سوداءُ يتوسّطها مستطيل أبيض توشّح السّاحات وترفرف فوق رؤوس طوفان من المتظاهرين.ـات التونسيّين.ـات. حناجرُ تصرخ غاضبة ثائرة “لا اله الّا اللّه والشهيد حبيب اللّه” وأخرى تغنّي الشيخ امام “يا فلسطينية والبندقاني رماكو بالصهيونية تقتل حمامكو في حداكو”، وكوكبة أخرى تتوعّد بالويل والثّبور للغاصب المحتل “مقاومة مقاومة لا صلح ولا مساومة”
هكذا دأْبُهُم منذ أيّام بلياليها. لا النّوم يخفّف عنهم/هن وجع القصف المدمّر في غزّة ولا الأخبار العاجلة تشفي غليلهم. وحدها المظاهرات الصاخبة تبعث في نفوسهم الطّمأنينة وتشعرُهم أنّ شعبهم في غزّة يسمع صرخاتهم ويستجيب لهتافاتهم عبر الردّ بمزيد من الصمود أمام آلة القتل والتهجير الصهيونية.
شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس، لم يعد حكرا على ثوّار الأمس فقط .. هو اليوم موزاييك من الثوّار .. شيب وشباب وكذلك أطفال من كلا الجنسين يهتفون بحياة المقاومة ويتداولون على حمل المشعل جنبا لجنب. انّها ثقافة المقاومة -يقول محمد علي- سنورّثها لأبنائنا وبناتنا جيلا بعد جيل تماما مثلما ورثناها عن آبائنا وأجدادنا.





لا شك أن قضيتي الحرية والكرامة كانتا في مقدمة مطالب الشارع التونسي . بيد أن جمهور الثورات العربية اكتشف أن هذه الدكتاتوريات المتآكلة ما كان لها أن تعمر دون دعم أميركا وإسرائيل، لقاء تمرير رؤيتهما للمنطقة وضمان تفوقهما العسكري والإستراتيجي على العالم العربي، تحت عنوان: ضمان الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
| “ لعل إحدى المؤشرات القوية التي تدل على عمق ارتباط ثورات الربيع العربي بالقضية الفلسطينية ما نشهده اليوم من حراك شعبي في مناصرة القدس وفلسطين، خصوصا في البلدان التي تقدم فيها الربيع العربي نسبيا وانتزعت شعوبها بعض مساحات الحرية “ |
لم يكن محط مصادفة أن تنبعث أولى شرارات الثورات ضد حكومات كانت تعتبرها شعوبها دكتاتوريات فجة وفاسدة، وفوق كل مساوئها تلك حكومات مرتهنة للخارج، أكثر من ارتباطها بإرادة الداخل.


